في عصر أحد الأيام فوجئت بجارتي تناديني لأرد على التليفون واعتقدت أنها والدتي وسارعت لأرد على التليفون
وبمجرد سماع صوت محدثي ذهلت حيث كان صوتا رجوليا لم أسمعه من قبل
سألته مين حضرتك فرفض إخباري باسمه غير أنه قال لي كلاما كان كابوسا مؤلما لم أتخيله في حياتي
ويعلم الله أنني كنت أتمنى الموت ألف مرة قبل أن أسمع ما قال
لقد قال لي إنه من القاهرة وإنه يتصل بي لكي يخلص ذمته من ربنا حيث قال لي إنه نشر إعلانا في إحدى الصحف يطلب فيه متبرعا بالكلية فصيلة دمه أو وفوجئ بزوجي منذ ما يقرب من الشهرين يتصل به ليخبره برغبته في التبرع بالكلية وحددوا موعدا
وفي القاهرة وافق زوجي على التبرع بعد أن يجري التحاليل اللازمة نظير 18 ألف جنيه إلا أن المذهل كما حكى لي هذا الشخص أنه فوجئ بزوجي يعرض عليه عرضا عجيبا لا يخطر على عقل إنسان
لقد عرض عليه زوجي أن يبيع له الكليتين
لا حول ولا قوة إلا بالله
نعم والله عرض الكليتين للبيع إلا أن هذا الشخص ( وقد أحسست فيه بالنبل ) استبشع الفكرة وعنفه ونهره بشدة وقال له كيف تطلب ذلك ؟ أليست لك أسرة ؟ أليس لك أبناء ؟ وكيف تقدم على الانتحار نظير المال ؟ وماذا ستفعل لك ملايين الدنيا في قبرك ؟ وهل يغني المال أطفالك عن أبيهم
المهم أن زوجي ألح عليه في مساعدته على الوصول لأي من أعضاء مافيا التجارة بالأعضاء البشرية الذين من الممكن أن يقبلوا عرضه إلا أن هذا الكلام البشع جعل هذا الرجل يتراجع عن قبول حتى الكلية التي تفاوض معه بشأنها ولكنه أخذ منه أقرب رقم تليفون له موحيا له بأنه سيفكر ويرد عليه
ثم اتصل بي ليحكي لي ما حدث خاصة بعد أن علم أن زوجي بدأ اتصالات هدفها بيع الكليتين مع أشخاص ليسوا فوق مستوى الشبهات
ودارت الدنيا بي
كنت أتمنى في هذه اللحظة أن أظل أعوي كالكلبة حتى أموت
وقررت أن أواجه زوجي بكل شيء حتى لو طلقني
في المساء وبعد نوم الأولاد صارحته بكل شيء وأنا منهارة لا أشعر بما حولي وبينما كنت أحاول إخراج زوجي عن صمته وإجباره على مصارحتي بالحقيقة فوجئت به تنتابه نوبة غريبة أشبه بالصرع وظل يتقلب في الأرض وهو يبكي مجتهدا ألا يخرج صوتا حتى لا يوقظ أطفاله وارتميت فوقه أحاول تهدئته وأقرأ عليه القرآن حتى هدأ تماما ودخل الحمام ولم تمر ثواني حتى سمعت صوت ارتطام مخيف أعقبه أنين مفجع
أسرعت إلى الحمام لأفاجأ به ماقى على البلاط شبه غائب عن الوعي واتضح أنه بسبب توتر أعصابه سقط على الأرض
واصطدم رأسه بالحائط وهالني تورم رأسه وتيقنت أن مكروها لا بد أن يكون قد أصابه
ظللت أصرخ حتى تجمع الجيران وحملوه إلى مستشفى فارسكور واتضح أنه أصيب باشتباه في ارتجاج في المخ ولكن الله سلم
وبعد خروجه من المستشفى بأيام بدأ يتماثل تماما للشفاء وبدأت أعصابه ترتاح
وأخيرا ( ولأيام معدودة ) رأيت زوجي الذي عرفته وتزوجته وعاشرته لمدة 5 سنوات كاملة كان خلالها أبي وأخي وصديقي المرهف الحساس
آه لو عرفت يا سيدي هذا الشخص
إنسان نادر ومثالي في كل شيء طيب القلب شديد الحساسية يتعذب من أجل الجميع محبوب من كل من حوله
طوال حياتي معه لم أعرف شيئا يكدره أو يغيره إلا مشكلتين اثنتين الأولى عجزه عن الوفاء بالتزاماته تجاه أطفاله الذين كان يتألم دائما من أجلهم وتعود أن يقول ( من فرط رهافة حسه ) بمرارة إنهم كانوا يستحقون أبا غيره
كان ما يؤلمه أنه المدرس ( وريث النبوة ) بكل هذا العجز والإحباط
أما المشكلة الثانية فهي مشكلة البدانة التي حولت حياته إلى جحيم منذ أصيب بهذا الخلل الهرموني منذ 10 سنوات كما قال لي ومشكلته أنه يتخيل دائما أن تلاميذه يسخرون من بدانته وذلك كان دائما يملؤه بالأسى ويؤذي نفسه أشنع الإيذاء
وباستثناء هاتين المشكلتين ( الفقر والبدانة ) كانت حياتي معه ( رغم صعوبتها ) هادثة هانئة
وسأظل ما حييت ( وإن عشت مائتي عام ) أذكر ذلك الموقف الحزين الذي جعلنا نبكي لأسبوعين متواصلين :
كانت نور ابنتنا التي تبلغ 5 سنوات تلعب بالخارج وفجأة دخلت علينا وهي تهلل وتضحك وتحتضن أباها قائلة : العيد " جه " يابابا ( تقصد جاء ) فقال لها : لسه بدري عن العيد ياحبيبتي ولكنها أصرت أن العيد " جه " وكانت تثور وتغضب كلما حاولنا أن نفهمها أن موعد العيد لم يحن بعد
وعندما تناقش معها أبوها عن سر إصرارها بأن العيد قد جاء قالت بأنها شاهدت هاجر صديقتها وأمها يأكلان لحما !!!!
لأن المسكينة تعودت أن ترى اللحم في العيد فقط فقد صار اللحم ملازما في ذهنها لقدوم العيد
ورغم أنني حاولت أن أتماسك وأن أضحك إلا أنه اندفع كالبركان يبكي ويعوي ويشكو إلى الله بكلمات تفطر القلب وتفتت الكبد أطفالا كانوا يستحقون ( كما تعود أن يقول ) أبا غيره
أبا قادرا على أن يوفر لهعم ما يشتهونه
وهكذا ظللنا لأسبوعين نبكي قبل أن نقرر أن نفوض أمرنا إلى العزيز الرحيم
المهم أنه في لحظة صفاء صارحني بكل شيء
لقد اكتشفت لأول مرة أن مشروع تربية الفراخ الذي دخله زوجي قبلها بشهور على أمل توفير مصدر دخل يعوضنا عن الراتب الذي يخصم بالكامل تقريبا في البنك علمت أنه خسر خسارة فادحة بسبب نفوق آلاف الدجاج ( بسبب الحر وليس بسبب أنفلونزا الطيور هكذا قال لي عندما سألته لماذا لم يتقدم للحصول عغلى تعويض أسوة بكثيرين ) وأنه مدين بألوف وأن ثمة أحكاما غيابية بالسجن عليه تتعدى ال 10 أحكام رفعها الدائنون وأن البقية ستأتي وأنه متأكد أنه سيقضي بقية حياته في السجن وأن المشكلة عنده ليست في دخول السجن ولكن المشكلة الحقيقية أنه إذا سجن فسوف يفصل من عمله مما يعني حرمان أولاده للأبد ( بلا ذنب ) من مصدر الدخل الوحيد لهم وأنه فكر طويلا في حل لهذه المشكلة فوجد أن موته هو الحل الأمثل لأنه إذا مات فسوف يفوت على هؤلاء الدائنين فرصة تحطيم أسرته التي ستصرف بعد وفاته معاشا معقولا سوف يغنيهم عن سؤال اللئيم وهو المعاش الذي سيضيع في حالة دخوله السجن فضلا عن أن أطفاله سوف يتيتمون وهو حي إذا دخل السجن فلماذا يجلب لهم العار والشقاء بعد أن فشل طوال حياته في تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة الآدمية الإنسانية لهم وأن حياته يقدمها لأبنائه عن طيب خاطر واثقا أن الله الرحيم سيغفر له إقدامه على الانتحار حماية لأولاده من الضياع
وأنه إذا كان سينتحر فمن الأفضل ألا يكون رحيله مجانيا وإنما عليه بيع ما يتمكن من بيعه من أعضائه وأولها الكليتين
كان يتكلم باستسلام غريب كلاما بشعا يعتقد أنه لا يخلو من المنطق ورغم أنني كنت أصبره قائلة بأن كل مشكلة لها حل إلا أنه كان يهز رأسه مبتسما بأسى قائلا : أعيدي التفكير فيما قلت وسامحيني
واستحلفته بالله العظيم أن يرحمني ويرحم أطفاله الذين سيتحطمون عن حق إذا مات وتركهم ووعدني ولكنني لا أصدقه لأنه استمر في الغياب عن عمله وعن المنزل واستمر شروده وبكاؤه أحيانا وعندما أسأله عن مصير القضايا المرفوعة ضده يرفض مصارحتي إلا أنني تسلمت يوما في غيابه إخطارا من المباحث بضرورة المعارضة في هذه الأحكام الغيابية قبل القبض عليه لتنفيذها وهو يقسم بأنه لن يدخل السجن أبدا ولا معنى لذلك عندي إلا أنه يصر على تنفيذ فكرته المجنونة السوداء
إنني أستحلفك بالله العظيم وبسلطانه القديم أن تساعدوني على منعه بأية طريقة من تنفيذ فكرته المشئومة لأنه أقسم يمينا مغلظا بالطلاق إذا أخبرت أيا من أقاربه
ولم تكد تمر عدة أيام حتى حدثت المصيبة
فوجئت في صباح أحد الأيام بخمسة من الثيران الهائجة المسعورة من مباحث تنفيذ الأحكام تقتحم علي منزلي دون إذن ودون رعاية لحرمة بيتي
وانقضوا على المنزل يفتشونه في هيئة قاسية شريرة كأنهم يبحثون عن إرهابي وليس مجرد شخص ضعيف القلب مسكين
مكتنز الجسم من المرض الذي يهدده في كل لحظة
استباحوني وأهانوني وأهدروا كرامتي
قلت لهم إن زوجي في مدرسته واتضح أنهم قبل أن يدوسوا بيتي ويدنسوه قد انتهكوا حرمة المدرسة أيضا واستباحوها بملامحهم الغليظة وقلوبهم التي لا تعرف الرحمة وأنهم دخلوا جميع الفصول وفتشوها بحثا عن زوجي الذي اتضح أنه ( لرحمة الله ) كان قد استأذن بسبب تعبه وتوجه إلى الطبيب
وهكذا قدر لي أن أعيش أسوأ أيام حياتي على الإطلاق
ولم أرى زوجي إلا بعد العشاء لأنه لم يكن يعلم بما حدث لا انتهاك حرمة بيته ولا فضيحته المدوية في المدرسة التي لن تمحى مدى الحياة
ورغم أنني أشفقت عليه لعلمي بما يمكن أن يحدث له فلم أحكي له على إهاناتهم لي ودخولهم إلى حمامي وبه ملابسي الداخلية معلقة لقضاء حاجتهم بلا إذن
ورغم أنني لم أحكي له فإنني رأيته على هيئة بشعة كالعدم مخيفة موحشة
رأيت في عينيه ذلة وانكسارا وحسرة وكربا وقهرا لم أرهما في حياتي
وخوفا من أن يعودوا للبحث عنه خرج من المنزل بلا عودة
خرج من المنزل وليس في جيبه إلا جنيهين
إنني أبكي دما
إن في قلبي نارا
والدنيا في عيني سوداء همجية ملعونة
أحتضن طفلي وأتمنى الموت لي ولهما
هل زوجي أول المدينين أو آخرهم
والله العظيم إن له قلب طفل صغير
لماذا يكتب لنا وحدنا أن نموت آلاف المرات
أن النيران المشتعلة داخلي لن يطفئها إلا البكاء
البكاء حتى الموت
فما دامت المباحث قد وضعت زوجي في رأسها فلا نجاة لنا
ووالله الذي لا إله إلا هو إن لأهل زوجي ( لأبيه ) حكما قضائيا نهائيا وواجب النفاذ منذ سنة 2002 عجزوا عن تنفيذه لا لشيء إلا لأن خصمهم من الأثرياء الذين ينفقون ويرشون بلا حساب
حتى في الأحكام الصادرة ضد زوجي ما يجعلهم يسارعون إلى تنفيذها بكل هذه الهمة أن من خصومه من يدفعون بدون حساب
وهكذا ولسخرية القدر تنفذ الأحكام بالثمن وتوضع على الرف حتى تموت بالثمن أيضا
ونحن قوم بسطاء لا نملك ما ندفعه لا لتنفيذ الحكم الصادر لصالحنا ولا لعدم تنفيذ الحكمن الصادر بحقنا
فلمن نشكو يارب
هل أنت راض عما يحدث لنا يا الله
أخي وسيدي
الفنان
حمادة هلال
إن لدي أملا كبيرا أنني سأجد منك المساعدة في إنقاذ أسرتنا المنكوبة
أنا أعرف بالطبع أنه من المستحيل أن تقوم بمقابلته أوالحديث معه ولكنك تستطيع إن وجدت الرغبة في مساعدتنا أن تقول له ( حتى ولو بالتليفون ) إنك قد علمت بالموضوع بطريقتك وأن تتحدث معه لإثنائه عما برأسه قبل فوات الأوان
وفي المقام الأول أن تجتهد وألا تألو جهدا في سبيل توصيل رسالتي إلى جلالته
أو ربما يمكنك أن تحيلني إلى أي إنسان أو أية جهة ممن تتوسم فيهم الخير وعدم الامتناع عن مساعدة المكروبين والمدينين والمحتاجين
كما يمكنك إن أردت مكالمتي أن ترسل لي رسالة بريدية على العنوان التالي
مع خالص دعواتي لسيادتكم بالتوفيق
أخيرا فإن لي عندك رجاء وهو أن تعلم أن رسالتي أمانة في عنقك أسألك عنها أمام الله لأنه لو علم بها لطلقني لشدة رعبه من الفضائح كما أن كل ما ورد فيها هو لك وحدك
لحمادة هلال الإنسان وليس لحمادة هلال الفنان المشهور
وأشهد الله أنني بعت حلق ابنتي ( قرطها ) ( وكان آخر شيء ذي قيمة نمتلكه ) من أجل كتابة هذه الرسالة على الكمبيوتر وطباعتها وإرسالها إلى هؤلاء الرؤساء الذين لم يقيموا لضعفي وهواني أي وزن ( وآخرين ) فبالله عليك ساعدنا
وبعهد الله ألا تخبر زوجي أنني تحدثت معك في هذا الموضوع وألا تفضحنا وألا تتكلم عن محتواها لمخلوق
إنني أصرخ في جوف الليل وأناجي ربي قائلة
يا إلهي إلى من تكلنا؟
إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي
يا الله
يا أرحم الراحمين
إذا كنا نستحق كل هذا البلاء فما ذنب الطفلين الصغيرين ؟
وماذا جنت قلوبهم الخضراء ليستحقوا كل هذا العذاب ؟
ياراحم يا عادل يا قوي يا غفور اغفر لنا وارحمنا وتولنا
أنقذني بالله عليك
هل أبيع نفسي أنا الأخرى ؟
إنني أشهد الله أنني على أتم استعداد أن يراق دمي وأن تهدر كرامتي وأن أستعبد وأن أستذل وأن أسحل عارية في الشوارع وأن أمزق بالخناجر وأن أحرق حتى أصير رمادا في سبيل إنقاذ زوجي وأسرتي
فبالله العظيم أن تعتبر رسالتي أمانة في عنقك
فهي أملي الأخير
ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
والسلام عليكم ورحمة الله بركاته
علما بأن إيميل صديقتي هو
mour20002@hotmail.com